سورة الشعراء - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الشعراء)


        


{طسم} قرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر: طسم، وطس، وحم، ويس بكسر الطاء والياء والحاء، وقرأ أهل المدينة بين الفتح والكسر، وقرأ الآخرون بالفتح على التفخيم، وأظهر النون في يس عند الميم في {طسم}: أبو جعفر، وحمزة، وأخفاها الآخرون. وروي عن عكرمة عن ابن عباس قال: {طسم} عجزت العلماء عن تفسيرها. وروى علي بن أبي طلحة الوالبي عن ابن عباس: أنه قَسَمٌ، وهو من أسماء الله تعالى، وقال قتادة: اسم من أسماء القرآن. وقال مجاهد: اسم للسورة. قال محمد بن كعب القرظي: أقسم الله بطوله وسنائه وملكه.
{تِلْكَ} أي: هذه الآيات، {آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ}.


{لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} قاتل نفسك، {أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} أي: إن لم يؤمنوا، وذلك حين كذبه أهل مكة فشقَّ عليه ذلك، وكان يحرص على إيمانهم، فأنزل الله هذه الآية. {إِنْ نَشَأْ نُنزلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ} قال قتادة: لو شاء الله لأنزل عليهم آية يذلون بها، فلا يلوي أحد منهم عنقه إلى معصية الله. وقال ابن جريج: معناه: لو شاء الله لأراهم أمرًا من أمره، لا يعمل أحد منهم بعده معصية.
وقوله عز وجل: {خَاضِعِينَ} ولم يقل خاضعة وهي صفة الأعناق، وفيه أقاويل: أحدها: أراد أصحاب الأعناق، فحذف الأصحاب وأقام الأعناق مقامهم، لأن الأعناق إذا خضعت فأربابها خاضعون، فجعل الفعل أولا للأعناق، ثم جعل خاضعين للرجال. وقال الأخفش: رد الخضوع على المضمر الذي أضاف الأعناق إليه. وقال قوم: ذكر الصفة لمجاورتها المذكر، وهو قوله: {هم} على عادة العرب في تذكير المؤنث إذا أضافوه إلى مذكر، وتأنيث المذكر إذا أضافوه إلى مؤنث. وقيل: أراد فظلوا خاضعين فعبر بالعنق عن جميع البدن، كقوله: {ذلك بما قدمت يداك} [الحج- 10] و{ألزمناه طائره في عنقه} [الإسراء- 13]. وقال مجاهد: أراد بالأعناق الرؤساء والكبراء، أي: فظلت كبراؤهم خاضعين. وقيل: أراد بالأعناق الجماعات، يقال: جاء القوم عنقًا عنقًا، أي: جماعات وطوائف. وقيل: إنما قال خاضعين على وفاق رؤوس الآي ليكون على نسق واحد.


{وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ} وعظ وتذكير، {مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ} أي: محدث إنزاله، فهو محدث في التنزيل. قال الكلبي: كلما نزل شيء من القرآن بعد شيء فهو أحدث من الأول، {إِلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ} أي: عن الإيمان به. {فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ} أي: فسوف يأتيهم، {أَنْبَاءُ} أخبار وعواقب، {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الأرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ} صنف وضرب، {كَرِيمٍ} حسن من النبات مما يأكل الناس والأنعام، يقال: نخلة كريمة إذا طاب حملها، وناقة كريمة إذا كثر لبنها. قال الشعبي: الناس من نبات الأرض فمن دخل الجنة فهو كريم، ومن دخل النار فهو لئيم {إِنَّ فِي ذَلِكَ} الذي ذكرت، {لآيَةً} دلالة على وجودي وتوحيدي وكمال قدرتي، {وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ} مصدقين، أي: سبق علمي فيهم أن أكثرهم لا يؤمنون. وقال سيبويه: {كان} هاهنا صلة، مجازه: وما أكثرهم مؤمنين. {وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ} العزيز بالنقمة من أعدائه، {الرَّحِيمُ} ذو الرحمة بأوليائه. قوله عز وجل: {وَإِذْ نَادَى رَبُّكَ مُوسَى} واذكر يا محمد إذ نادى ربك موسى حين رأى الشجرة والنار، {أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} يعني: الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية، وظلموا بني إسرائيل باستعبادهم وسومهم سوء العذاب.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8